الجلسة الثالثة للمؤتمر ( الجزء 1) بعنوان الوطن العربي ودول الجوار صباح يوم 12 فبراير 2013

برئاسة الدكتور غانم النجار،  حيث اختتم مجلس العلاقات العربية والدولية مساء أمس مؤتمره الأول، الذي عُقِد في الكويت على مدى يومين، ناقش خلالهما في ثلاث جلسات العلاقات العربية مع دول الغرب والشرق والجوار، بمشاركة مسؤولين سياسيين واقتصاديين رفيعي المستوى، وبحضور بعض المهتمين بالشأن العربي والدولي. وفي الجلسة الأخيرة أمس، ناقش المتحدثون العلاقات العربية مع إيران وتركيا، وشهدت الجلسة نقاشات عميقة حول الخلافات والقضايا التي تعوق تطور العلاقات بين دول الجوار.


1 – محمد صادق الحسيني

الحسيني: لا تسمحوا لأحد باللعب على الاختلافات العربية - التشيع في إيران مدنية وليس مذهباً فقهياً فقط -الفيصل: لماذا لا تضع إيران كل أوراقها على الطاولة؟ -عمرو موسى: العلاقات المصرية - الخليجية حالياً ليست على ما يرام -النجار: على الحكومات الخليجية استيعاب المتغيرات ومعالجتها -الإعلام»... نموذج متميز في التعامل الراقي -

قال امين عام منتدى الحوار العربي الإيراني د. محمد الحسيني انه جاء من "إيران الإسلام والثورة، إيران الشقيقة والصديقة، والمحبة للعدل والأمن والسلام بين الأهل والأحبة على الدوام"، حاملاً معه "رسالة المجتمع الأهلي وكذلك مجتمع اهل الحكم من ابناء الطبقة السياسية الحاكمة".

وأضاف الحسيني أن "رسالتنا الى إخوتنا العرب في الكويت الشقيقة على الأخص، والوطن العربي على العموم هي أن أمننا من أمنكم، وأمنكم من امننا، ولا يمكن لاحد من الاغيار ان يغير في طبيعة هذه العلاقة، ولو استخدم كل ما اوتي من سبل الاحتيال والخديعة والغدر والطعن في الظهر أو تحريف حقائق التاريخ والجغرافيا والثقافة والدين والمصالح المشتركة".

وبيَّن أن "ايران، الاسلام والنهضة والصحوة والثورة التي تجاوركم اليوم، هي نتاج نضالات الشعب الايراني العظيم بقيادة علمائه الاعلام ومراجعه الكرام ورموز حركته التحررية الوطنية منذ نهايات القرن التاسع عشر في ثورة التنباك مرورا بالثورة الدستورية في بداية القرن الماضي، وثورة تأميم النفط في اواسطه وصولا الى ثورة الاستقلال الأخيرة التي كانت تعبر كلها عن ارادة ايرانية جامحة للعودة الى الذات، وإعادة صياغة هويتها القومية والدينية بناء على نهج وشريعة محمد السمحاء التي كما علمتهم الجهاد، علمتهم كذلك سياسة المداراة مع الأخصام والمروءة مع الصديق، وهو ما توج بالثورة الاسلامية الاخيرة، الثورة التي رحبتم بها ووقفتم معها مشكورين".

الثورة الإيرانية

وأشار الحسيني الى ان "ثورتنا لم تأت على حساب احد من جيراننا، ولا جاءت لتهدد ايا من انظمة الحكم من اشقائنا او تتدخل في الشؤون الداخلية لأي كان، ولا لتقرر له ايا من خصوصياته او نوع نظام حكمه، ومع ذلك تحملت ايران حربا مفروضة ظالمة ومجحفة على مدى ثماني سنوات عجاف شارك فيها الجار والقريب والبعيد، ومع ذلك عضت على الجراح، ولم تنتقم ولم تستغل الفرصة لتسوية الحساب مع اي احد عندما كان بالإمكان اقتناص الفرص واستغلالها".

واستدرك بأن "هذه الثورة ذاتها التي نعيش ذكراها السنوية اليوم جاءت ايضا في بعدها الجوهري الآخر من اجل ازالة الظلم والاجحاف المزمن بحق كل العرب والمسلمين، وفي مقدمتهم شعب فلسطين على يد حكومة الصهيونية العالمية بقيادة عتاتها المتربصين بنا والجاثمة اسلحتهم الفتاكة على صدور اهلنا، ذلك الكيان الذي غدا منذ زرعه المصطنع في قلب وطننا الاسلامي بمثابة الغدة السرطانية التي نعتقد جازمين انه لا حل لها الا بعملية جراحية قيصرية يقرر وقتها شعب فلسطين وقادة حركته التحررية او يقرر من زرعها استئصالها من دون جراحة".

وأكد الحسيني أنه ليس هناك ما يفرق بين الايرانيين والعرب، "ومهما كان هناك انتماء لأي طائفة او مذهب او دين او فئة او حزب او طيف فكري، من علمانيين أو ليبراليين، من يسار أو يمين، قوميين أو اسلاميين فأنتم إخوة وأشقاء وأهل جوار، لن يتمكن اي احد ان يحولكم الى اعداء لنا، كما لن يتمكن احد ان يحول شقيقتكم ايران الى عدو بديل عن عدوكم، فعدونا الحقيقي والوحيد هو اسرائيل الشر المطلق".

البرنامج النووي

وحول البرنامج النووي الايراني، قال الحسيني "انها كذبة العصر الكبرى فالجمهورية الاسلامية دولة مسالمة لا تريد ولا تصبو يوما لصناعة اي من اسلحة الدمار الشامل، فذلك عندها محرم شرعا وهو مخالف للعقل، لكنها مصممة في الوقت نفسه على تصدر ناصية العلوم وتحقيق الاكتفاء الذاتي في كل مجال لاسيما في مجال العلوم المتطورة من النانو تكنولوجي الى علوم الفضاء الى علوم الدفاع الى فن تطبيق الاقتصاد المقاوم والالتفاف على كل اشكال الحصار الظالم، الى فن خوض المعارك بالقوة الصلدة كما بالقوة الناعمة، فضلاً عن مجال الطاقة والطرق وبناء السدود ومعالجة الامراض الصعبة، وصولا الى علوم الطاقة الذرية التي تمنحنا موقعا متميزا بين الامم المستقلة والحرة والمكتفية والمساهمة في ادارة شؤون العالم وهذا ما يخافونه منا ولا غير".

وقال إن "ايران ليست بحاجة لأرض اضافية حتى يكون لديها نوايا توسعية ولا بحاجة الى معدن او ماء او اي امكانات مادية او كادر بشري اضافي حتى تطمع في ممتلكات جيرانها او تاخذ شيئا من اي احد او يكون لها اطماع في هذا البلد او ذاك من بلاد الجوار، فهي لديها ما يفيض في كل شيء".

وكشف الحسيني أن "الغرب لم يترك طريقا او قناة او واسطة الا استخدمها لايصال رسالة واحدة لايران لا غير في كل مراحل التفاوض العلنية والسرية، الا وهي ارفعوا ايديكم عن فلسطين وأخرجوا هذه القضية من سياستكم الخارجية، ولكم ما شئتم حتى القنبلة النووية"، مشيرا الى أن "هذا الأمر نقله حتى مبعوثون خليجيون رفيعو المستوى ليس فقط من زمن اوباما المتهافت على اي طاولة حوار مع ايران بل منذ ايام ثلاثي الشر الأسود بوش وديك تشيني ورامسفيلد".

وأكد أن "إيران ستدافع عن السعودية ومصر وتونس والكويت لو تعرضت اي منها للعدوان او خطر التشرذم او التفتيت لا سمح الله تماما كما ندافع اليوم عن فلسطين وسورية والعراق ولبنان والمقاومة ولن نفرق بين احد من الاشقاء".

الشعب الكويتي

وفي كلمة وجهها الى الشعب الكويتي، قال الحسيني: "تعالوا نوقف نحن وإياكم النفخ في الفتنة الطائفية والمذهبية، والا نسمح لاي احد ان يلعب على اختلافنا بالرأي فيكفينا حروبا عبثية وسفك دماء استمرت طويلا بسبب هذا الشحن المذهبي المدمر ايام الحرب الصدامية التي فرضت علينا وعليكم اولا، ثم الغزو الظالم لبلادكم ثانيا، وتذكروا أن شقيقتكم وجارتكم ايران هذه هي التي هرعت إلى نجدتكم وفتحت ابوابها امامكم دون منة، ورفضت نداءات البعض للتشفي او استغلال الموقف فلا تسمحوا لهم بالعودة من جديد الى طريق الدم والفتنة العمياء".

العلاقات العربية - التركية

2- السفير / ناجي كورو

من جهته، قال نائب وزير الخارجية التركي السفير ناجي كورو ان هناك جهوداً حثيثة بذلت لتوثيق العلاقات العربية- التركية المشتركة خلال العقد الماضي بشكل خاص، غير أنه ظهرت حواجز معينة وكان واجباً علينا أن نتخطاها، لافتا الى ان مثل هذه الاجتماعات تساعد في تعزيز العلاقات بين تركيا والوطن العربي وبحث سبل توثيقها خلال المرحلة المقبلة.

وأضاف كورو ان النقاش في هذه المسائل بين تركيا والوطن العربي يحتاج الى نظرة مستقبلية لهذه العلاقات، لاسيما ان هناك رغبة من الجانبين في تعزيز هذه العلاقات وتوثيقها خلال المرحلة المقبلة اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، مؤكدا ضرورة حشد جميع الامكانيات المتاحة لدى الطرفين من اجل توثيق العلاقات.

وأشار الى ان التعاون بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي يسير بشكل مميز، ما سيساهم مستقبلا في تحقيق الازدهار لهذه الدول، موضحا اننا نتطلع الى توحيد مواقفنا امام المنظمات الدولية من اجل مصالح بلادنا، لافتا الى انه كان من الاهم فهم ما يحدث من التغيير السياسي في المنطقة مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل دولة.

وبين أن تركيا قدمت مليون دولار للدول التي شهدت تغييرات سياسية، كما أنها على استعداد لتقديم تجربتها الديمقراطية للدول التي تحتاجها، فهي مؤمنة ان الاسلام والديمقراطية نموذج للتعايش الكريم في اي دولة، مشيراً إلى الى ضرورة دعم الفلسطينيين إلى حين اقامة دولة مستقلة لهم، "ولن نتأخر في دعمهم، كما ان احتلال اسرائيل الذي يخنق فلسطين منذ سنوات يجب ان ينتهي، لانه من المستحيل ان يكون هناك سلام عادل واسرائيل تحاصر الشعب الفلسطيني بهذا الشكل، متطرقا إلى ما يحدث في سورية من ارتفاع معدلات الضحايا بشكل مخيف وسوء الوضع الانساني.

النظام السوري

ولفت كورو الى ان النظام السوري يستغل الانقسام بين الشعب السوري لمصلحته "ونحن نثق بأن الشعب السوري، يعرف اهداف النظام وقادر على تجاوز اي خلافات، للتغلب على الازمة التي يعيشها، ونعلم ان مثل هذا ليس بالمهمة السهلة لكنه كذلك ليس بالمستحيل على السوريين"، مؤكداً ان تركيا تدعم جميع القضايا العادلة لدول المنطقة لانها تؤمن باهمية استقرار المنطقة، مشدداً على رفض تركيا لأي انقسام عرقي وطائفي.

3 -  البروفسور فيكتور الكك

من جهته، قال امين عام المجمع العربي للثقافة د. فيكتور الكك: "منذ 35 عاما وقفت حياتي للسعي إلى الوفاق بين العرب وإيران وبدأت في لبنان، ثم انتقلت الى ايران عام 1959 وكافحنا من اجل التقريب بين العرب وإيران سواء سياسيا او اقتصاديا او ثقافيا"، مضيفا ان "الحديث عن العلاقات العربية الايرانية حديث شائك، ومن المهم الحديث عنه الآن"، لافتا الى أن ايران تعتبر العمق الاستراتيجي للوطن العربي.

وأضاف الكك أن "الإيرانيين اسسوا اكبر الإمبراطوريات في العالم لكنهم احتلوا ايضا 7 مرات عبر التاريخ"، لافتا الى ان النفسية الايرانية تترجح بين العظمة والوهن وبين احتلالات سبعة جعلتهم ينطوون على انفسهم، لذلك يجب ان ناخذ مثل هذه العوامل بعين الاعتبار، اذا اردنا التفاوض معهم، لان الملف الايراني يأتي في المرتبة الثانية من حيث الاهمية بالنسبة للعرب بعد القضية الفلسطينية".

وتطرق إلى الحديث عن الجزر المتنازع عليها بين ايران والامارات، معتبرا انها "قضية شائكة ويجب ان نتحلى بالدبلوماسية والصبر للوصول الى حل، مؤكدا ضرورة ازالة فتيل عدم الثقة الموجودة بين ايران ودول الخليج، مشيرا الى ان "ايران لا تأمن العرب بعد حربها مع العراق، لذلك اتجهت الى صناعة السلاح والتسلح".

دول الخليج

وتساءل امين عام المجمع العربي للثقافة: "مع أن ايران حرة في صناعتها النووية، ولكن لماذا لا تشارك جيرانها في الخليج بهذا النشاط؟ لانه لا يجوز التفرد بهذا الملف الذي لديه انعكاسات على المنطقة"، مضيفا ان الدول العربية تضخم احيانا بعض الملفات مع ايران، لتتسابق هذه الدول على التسلح، ولذلك يجب وجود حوار مشترك بين الجانبين لتحقيق الاستقرار والوصول الى الطمأنينة في المنطقة.

وشدد على ضرورة ان تكف ايران عن اقامة المناورات العسكرية في مياه الخليج التي تستفز العرب، مؤكدا وجود تدخل ايراني في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية، وعلينا الا ننكر هذا الامر بل علينا مواجهته، مشيرا الى وجود نية لدى الجميع في تحقيق الامن في المنطقة، ولذلك يجب ان يبدأ ذلك الآن جديا، مؤكدا ضرورة تهيئة المجتمع المدني لتحقيق المصالحة والتقارب بين الدول العربية وايران، ولتكون البداية من خلال المؤسسات المدنية كتلك التي تعنى بالمرأة.


4 – الدكتور رضوان السيد
لبنان والعراق

بدوره، قال استاذ الدراسات الاسلامية بالجامعة اللبنانية د. رضوان السيد ان النظام السوري كان على علاقات متوترة منذ اعوام مع لبنان والعراق، في الوقت الذي بدأت فيه اتصالاته مع تركيا، حتى انفجار التظاهرات ضده قبل نحو عامين، لافتا الى ان كل هذا كان دون علم تركيا التي كانت تدعو لبنان الى التصالح مع سورية، مضيفا ان تركيا ارادت أن تأخذ سورية كمدخل للوطن العربي.

وأشار السيد الى ان حزب العدالة والتنمية التركي استطاع بناء علاقات مع الاحزاب الاسلامية في سورية وهذا ما كان يزعج النظام السوري، لافتا الى انه في عام 2007 بدأت هذه التناقضات واقامة العلاقات على مستوى واحد دون ان يؤثر ذلك على النمو التجاري، وتم عقد علاقات مشتركة بين تركيا والنظام السوري، لافتا الى انه في عام 2009 كان على تركيا مواجهة امر الامتداد الايراني في هذا المحور.

وبين انه بعد انفجار العلاقات بين تركيا وإسرائيل اصبح هناك جفاف بين تركيا وبعض الدول العربية، بعد ان اختارت تركيا سياستها بعد قيام الثورات العربية التي كان لها موقف سلبي من المحور الايراني.

الحركات الإسلامية

وأضاف ان علاقات تركيا بالخليج العربي افضل من السابق، ولكن يحد من نموها الموقف التركي من الحركات الاسلامية السياسية التي وصلت إلى الحكم في بعض الدول الاسلامية، مؤكدا ان تركيا تريد السلام في المنطقة، وفهمها للاستقرار لا يختلف عن الدول المتقدمة، لافتا الى انه من الممكن اعتبار العلاقات التركية- العربية خلال السنوات الماضية ناجحة، وكان من الممكن ان تكون افضل من ذلك.

وعن العلاقات الايرانية- العربية قال السيد: "بعد حرب تحرير العراق دخلت الحركات العراقية المسلحة التي كانت في ايران إلى العراق ووصلت الى السلطة"، مبينا انه منذ ذلك الوقت لم تفارق ايران العراق. وأوضح أن الرئيس جلال طالباني زار سورية عام 2009 وكانت العلاقات بدأت لتوها في التحسن بين البلدين، لافتا الى اتفاق حصل لتسليم لبنان إلى "حزب الله" وتسليم العراق للمالكي.

وأضاف أن هناك بؤراً ايرانية في دول عربية عدة، بعضها تحالفي والآخر انفصالي، مؤكدا ان المحور الإيراني يقوم على احتلال دول عربية هي العراق وسورية ولبنان، بالاضافة الى دعم احزاب مسلمة، لافتاً إلى نوع آخر من التدخل الايراني يتعلق بعلاقاتها بالأحزاب الإسلامية السياسية، مثل حركات الجهاد وحماس وغير المسلحة مثل احزاب "الاخوان المسلمين"، فضلاً عن علاقاتها بأحزاب اردنية وسودانية، ما أدى الى حدوث توتر كبير.

المصدر : صحيفة الجريدة
التاريخ : 13-02-2013

أحدث القضايا

المزيد من القضايا >>