الجلسة الثانية للمؤتمر بعنوان الوطن العربي والشرق مساء يوم 11 فبراير 2013

رسمت الجلسة الثانية لمؤتمر العلاقات العربية والدولية خريطة التعاون العربي مع الدول الأبرز في الشرق، وهي الصين واليابان والهند، ودعت إلى وعي خلال المرحلة المقبلة يؤسس لتنمية هذه العلاقات.

1 – رئيس الجلسة دولة الرئيس فؤاد السنيورة


أكد رئيس الجلسة الثانية، رئيس وزراء لبنان الأسبق، فؤاد السنيورة أن نظرة سريعة على خارطة العالم تبين لنا الأهمية النسبية لدول الشرق الآسيوي، وهي الدول التي تمتد على محيطين مهمين وتضم نصف سكان العالم، و60% من مجموع المسلمين في العالم، مبيناً أن هذه النظرة الى الخارطة كفيلة بأن تمكننا من «تلمس الواقع حالياً ومستقبلاً».

وأضاف السنيورة أن التطور الهائل في الاقتصاد ادى الى فرض تحول كبير نحو الشرق، ما يفرض علينا الاهتمام المتزايد بالتكنولوجيا في هذا الشأن أكثر من أي وقت مضى،، لافتاً إلى أنه كثر الحديث الأميركي عن ضرورة الاستدارة نحو آسيا، أي أن السياسيات المستقبلية ستتقرر في آسيا وستكون اميركا في قلب الحدث.

وقال: «ما نراه هو ان الأميركيين لن ينسحبوا من الشرق الأوسط لسوء الحظ، وأن الشرق الأقصى سيظل معتمدا على الطاقة من الشرق الأوسط، ما يوجب علينا، كعرب، الاهتمام بالمحافظة على الشراكة مع شرق آسيا، ولاسيما في مجال استيراد التكنولوجيا المتقدمة»، موضحاً أنه لابد أن ندرك ان النهوض الآسيوي الكبير يمكن أن يصبح ذا جدوى عظيمة اذا تطور التبادل معه الى شراكة كبيرة»، ومن هنا بات ضروريا علينا التحول الى تكتل اقتصادي كبير ومؤثر.

وبيَّن أن حركات الانتفاضة العربية نجمت عن مشكلات كبيرة هي التي دعت إلى ضرورة التغيير، لذا ينبغي معالجة مشكلات التنمية والبطالة والجهل، مع «الاستفادة من اصدقائنا الآسيويين كأساس من أساسيات المرحلة المقبلة».

واقترح السنيورة إنشاء مركز عربي متطور للدراسات العربية الآسيوية للتبادل الثقافي والعلمي، لافتاً إلى «أننا بحاجة الى ان تكون لدينا معرفة حقيقية بلغات هذه الحضارات للاستفادة من تجاربها».

2 – الاستاذ الدكتور / محمد السيد سليم

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د. محمد السيد سليم إنه ينبغي التركيز على الإطار الاصلي في هذه الجلسة، وهي العلاقات العربية- الآسيوية، موضحاً أن «آسيا هي قارة القرن الحادي والعشرين، لأنها تشهد تحويل النظام العالمي من أحادي القطبية إلى ثنائي القطبية».

وأشار سليم إلى أن علينا ان نفهم هذا التحول ونبني شراكة استراتيجية مع هذه الدول، معربا عن فخره بأن للعالم العربي تاريخا مشرفا في دعم استقلال الدول الآسيوية، غير أنه دخل بعد ذلك في حقبة انقطاع طويلة مع الدول الآسيوية.

وأضاف أن «انهيار الاتحاد السوفياتي فتح المجال لعلاقات الدول العربية مع دول أخرى، ونهاية الحرب الباردة غيّرت سياسات بعض الدول تجاه العرب».

وقال: «هناك عوامل تتطلب اهتمام العرب بآسيا، منها نجاح تجربة التكامل الآسيوي، فآسيا اتبعت الدور التوجيهي للدولة وحققت التكامل المطلوب»، موضحا أن «مركز الثقل في النظام الأساسي العالمي يقع في آسيا».

وذكر أن الصراع العالمي القادم سيكون صراعا صينيا- أميركيا، و»على العرب أن يحسموا أمرهم إن كانوا يريدون الانحياز لأي جهة من هاتين الجهتين».

وأضاف «الأهم في الوقت الحاضر ما يتطلب سياسة عربية متكاملة، وبحلول 2025 ستستغني أميركا عن النفط العربي بالكامل»، موضحا أن «الدول الآسيوية تنين متعطش للنفط»، وهناك عشرات التقارير تثبت هذا الكلام، فضلا عن أن هناك مدلولات انتقال مركز الثقل العالمي إلى آسيا.

وقال: نحن في حاجة إلى فهم آسيا من وجهة نظر آسيوية، لا من وجهة نظر أميركية أو أوروبية، ويجب فهم الثقافات الآسيوية، فمشكلتنا أننا نتعامل مع الآسيويين كأنهم أوروبيون، مبينا «نحن بحاجة إلى صلات مباشرة مع الآسيويين».

وزاد «ينبغي وجود إطار عربي- آسيوي شامل للتعامل مع الدول الآسيوية، والجهة المرشحة هي جامعة الدول العربية، ويجب أن ننشئ منتديات خاصة بين الدول العربية وآسيا، فالاتحاد الأوروبي قام بهذه الخطوة لمناقشة العديد من القضايا الاقتصادية المهمة».

وأضاف: لابد من الاستفادة من التنظيمات الآسيوية المطروحة، موضحا الاهتمام بحوار الحضارات مع آسيا، و»علينا أن نفهم الثقافات والحضارات البوذية والصينية وغيرها، ولابد من إيجاد مشروع عربي مع آسيا الوسطى، لأننا أهملناهم وكأن لا قيمة لهم».

وتابع «أهملنا أيضا الشراكات التكنولوجية مع آسيا، فنحن نطرح عليهم الاستيراد فقط دون الشراكة الأخرى»، موضحا أن «هناك أسبابا كثيرة للتفاؤل في هذا الشأن، منها وجود وعي عربي نحو التوجه الى آسيا، وهذا موجود في دولة الكويت، لكنها تواجه عقبات أهمها أن العرب متعودون على المكاسب خلال وقت قصير، عكس طبيعة العقلية الآسيوية التي تنظر إلى الربحية خلال سنوات طويلة».

3 – الدكتورة نجمة هبةا لله

من جهتها، قالت عضو البرلمان الهندي الدكتورة نجمة هبة الله «ان التأثير على آسيا الآن في مصلحة الجميع»، لافتة إلى أن نهرو كان يركز دائماً على المنطقة العربية التي اعتبرها امتدادا للمنطقة الهندية.

وأضافت هبة الله «ان هناك حروبا بين الهندوس والعرب، ووصل الإسلام إلى الهند منذ قرون، وهناك علماء ومراجع من الهند»، مشيرة إلى الحقبة العائدة إلى الرئيس نهرو الذي كان يسمي المنطقة العربية آسيا الغربية، و»استطعنا أن نوطد العلاقات بين آسيا الشرقية وآسيا الغربية، ولا ننسى مبادرة غاندي على عدم المواجهة وأصبحت قاعدة تسعى دول العالم إلى السير عليها».

وأشارت إلى أن الهند اعترفت بالمنطقة الفلسطينية، إذ افتتحت الهند أول مكاتب لها في فلسطين عام 1988، مؤكدة أن الهند مؤمنة بأن القضية الفلسطينية تحتاج إلى سلام وحل عادل ينصف الفلسطينيين.

وقالت هبة الله إن هناك أكثر من مليون هندي يعملون في المنطقة العربية، وحجم التجارة العربية الهندية يزداد بسرعة كبيرة، فضلا عن وجود مشاريع واستثمارات عديدة للهند في الوطن العربي، مشيرة إلى أن هناك تعاوناً في العلوم والصحة والتعليم.

وأوضحت أن الهند ساهمت بقوات حفظ السلام في عدد من الدول العربية، لافتة إلى أنها سبق أن زارت الكويت والمملكة العربية السعودية إبان حرب الخليج، «لذلك أؤكد أن الهند لديها قدرة على التبادل والتعاون التجاري، وهناك 40 في المئة من النفط القادم للهند من دول الخليج، فهي تعمل مع قطر وعمان في الصناعات الثقيلة وغيرها من صناعات تعود على البلدين بالفائدة».

أزمة خطيرة

وقالت هبة الله ان «موقفنا من الربيع العربي اننا لا نتدخل في اي بلد والشعوب هي التي يجب هي أن تختار»، مؤكدة ان «سورية تواجه ازمة خطيرة قد تلقي بظلالها على المنطقة برمتها لذلك يجب التوصل الى حل سلمي يتوافق مع مطالب الشعب السوري، وكذلك نتمنى ان تستقر الأوضاع في ليبيا، والهند مستعدة لتقديم اي مساعدة من اجل ليبيا».

واكدت ضرورة وضع دساتير لبعض الدول العربية تتواكب مع طموح الشعوب، لافتة الى ان الهند تتعاون مع الرئيس المصري الجديد، وانها تثق بأن التغيير الذي قام به الشعب المصري سيكون له اثر جيد في بناء العلاقات مع الهند خلال المرحلة المقبلة.

واشارت هبة الله الى ان «الديمقراطية يجب ان تنبع من الداخل ولا تفرض عليها وان تكون شاملة ليسمع صوت جميع من في البلاد»، مؤكدة ان ما حصل في الوطن العربي كان خيار الشعب.

4 – الدكتور سمير نوح
العلاقة مع اليابان

من جانبه، قال الدكتور سمير نوح استاذ اللغات الشرقية وآدابها بجامعة دوشيشا اليابانية ان اليابان لم تعد اليوم كما كانت في الازمنة القديمة بلدا مغلقا، ولم تعد اليابان كما يظن قديما الداخل فيها مفقود والخارج مولود، موضحا ان ابواب اليابان مفتوحة امام الجميع خصوصا للعولمة مع حفظ تاريخها.

واضاف ان اليابان تعود للتركيز على الجوانب الاقتصادية للعلاقات مع العالم العربي متفائلة بالعلاقات السياسية معه، موضحا انه «صارت المعلومات متوفرة للجميع وفهمنا كيف نستفيد من عصر المعلوماتية الذي نعيشه اليوم».

ولفت الى ان الباحثين اليابانيين يحاولون اشراك العرب في بحوث ومؤتمرات لتوسيع الحوار بين اليابان والعالم العربي والقضايا الاقليمية والدولية والتعاون في المجال الفني والامور التقنية واستمرت ندوات الحوار في السنوات الاخيرة.

وزاد ان الحوار لحل المشاكل بين الشعوب لا يمكن ان يعتمد على جانب واحد ديني او اقتصادي او اجتماعي فقط، مبينا انه لابد من لعب دور في السباق الحضاري، لان كثيرا من البلدان العربية يمتلك الموارد البشرية التي تفيد الجانب الياباني والعربي على حد سواء.

وتابع انه «من واجب المؤسسات البحثية التعرف على ما يصدر في اليابان من بحوث وعلوم ويترجم ليستفيد منه العرب، كما يجب دعوة اليابانيين لاستكمال بحوثهم مع تكوين جيل من الاكاديميين يعيش في اليابان ليربط العالم العربي ربطا ثقافيا علميا مع اليابان ولابد للسفارات العربية في اليابان من الاسهام في توضيح صورة مشرفة عن العرب، والتوضيح لوسائل الاعلام اليابانية اسهامات العرب التي لا تجد من يعرضها عليهم في مجالات الفكر والعلم والفنون والآداب عن طريق ترجمة الكتب وعقد الندوات والمؤتمرات وغيرها ويمكن لمجلسنا هذا لعب دور في هذا المجال».

وأضاف نوح أنه من الضروري تشكيل جيل جديد من الباحثين اليابانيين يخلف الجيل الحالي لظروف التقاعد او العمل الحكومي او الظروف الصحية ليواصلوا دراساتهم العليا في الجامعات العربية، على أن تكثف هذه الجامعات، ومنها جامعة الكويت، جهودها لاستقبال اعداد اضافية منهم، مبيناً ان مشروع وزارة الاوقاف الكويتية للابتعاث بحاجة الى تفعيل اكبر.

وأوضح أن اليابان تتجه نحو الأسواق التي تمتاز بالهدوء والمستقبل الواعد، مبيناً أن جني الثمار المرجوة من العلاقات بين اليابان والعرب لا يتحقق إلا بنظام عربي فاعل، بحيث يعمل الطرفان معا ككتلة متجانسة.


5 – الدكتور جعفر كرار
خطوة جيدة

ومن جانبه، قال الخبير في العلاقات العربية- الصينية د.جعفر كرار ان العلاقات الصينية العربية لم تشهد اي تطور حقيقي من خلال تبني مشاريع توطد هذه العلاقات، لافتا الى ان مجلس التعاون الخليجي بادر إلى إنشاء منطقة تجارية مشتركة وهي خطوة جيدة في هذا الاطار.

وأضاف كرار ان الصين لم توافق منذ عام 2000 على اقامة دولة فلسطينية، ولم يتغير موقفها الا في اجتماع تونس الذي عقد العام الماضي، مشيرا الى ضرورة دعوة الصين الى ايجاد حلول جذرية للجزر العربية التي احتلت من قبل ايران.

وأكد ان «هذه الجزر عربية ومن الخطأ حصر المطالبة فيها على انها اماراتية فقط»، مشيرا الى ان الدبلوماسيين العرب يرون ان ازدياد التبادل التجاري مع الصين لا يدل على تعاون وثيق، على اعتبار أنه يمثل السوق النفطي في جزئه الاكبر.

وفيما يتعلق بالثورات العربية، وتحديدا في سورية، ذكر ان كلا من العرب والصين لم يتعاملا مع الاتفاقيات بالشكل الصحيح، فكان الصدام بينهما كبيرا، ما ادى إلى استخدام الصين حق الفيتو لنقض القرار بشأن سورية، ما جعل العرب يفكرون في جدية العلاقات والمصالح المشتركة مع الصين، إذ كشف هذا الملف التباعد السياسي بين الجانبين.

وأوضح كرار ان الصين تريد من العرب الاستقرار فيما يتعلق بالنفط، فضلاً عن دعمها في قضاياها الدولية، إلا ان العرب لا يعرفون ماذا يريدون منها، مبيناً أنه آن الأوان لتدرك الصين ان مصلحتها مع الدول العربية لتقدم إليها بكين تجربتها وتكون شريكا استراتيجيا لها.

المصدر : صحيفة الجريدة
التاريخ : 12-02-2013

أحدث القضايا

المزيد من القضايا >>